تُولد طباع عظيمة في البيوت التي تُمد فيها المحبة مثل البساط، محبة في قلب الساكن ومحبة تحيط بالزائر؛ فتحضر البركة كلها إلى البيت، وبعد زمن تُخرّج عتبات هذه البيوت أطفالًا موهوبين يقدرون قيمة أن يكون أحدٌ محبوبًا.
كم من الشقاء يفنى ويذوب بعد كلمة أو نظرة حنونة. سبحان الذي غلَّف الكلمات بالشعور، فصار لها وقعٌ فيه قبول أو نفور.
الساعي وفي قلبه غاية لا يخيب له أمل، لم أر من قبل إنسانًا يسعى إلا وكان قلبه مطمئنًا. لا ترقب العظمة لتتحقق دون سعي. اللهم رجاءً مُجاب، فمنا السعي ومنك الإجابة.
أرجو ألا تفارقنا المسرات وأن تنقلنا الحياة دائمًا إلى دهشات ترد الروح فينا بعد كل تلك المشقة والتعب.
حيوية المرء في سعيه، وليس في استمراره بالحديث عن السعي بينما هو لا يسعى. الشعور الذي نطاله من السعي عظيم، شعور يُخبرنا الكثير عن إنسانيتنا التي تبحث عن الجدوى، الجدوى من الحياة.
أُحب فكرة السعي، ودائمًا ما أرى فيه حياة كاملة! حياة يتبدل فيها خوف المرء إلى إيمان، وشكه إلى يقين، وغرقه في دوامة أفكاره إلى نجاةٍ ووضوح. قد ننطفئ أو نملّ، لكن نستريح. السعي طريقتي في أن أُثبّت نفسي حين أشعر بوجلٍ أو أني وحيد في كل هذا.
ما نحتاجه هو أن نقّدر قيمة اللحظة الطبيعية الهادئة قبل أن تفر من بين أيدينا.
ننسى أن نغرق في اللحظة الطبيعية الراهنة، فتسرقنا لحظة لم نرها، لحظة لا نعرفها، لكننا نتمناها، إلى أن تأتي تلك اللحظة، فنتمنى غيرها. وهكذا الحياة بوابة تُرسلنا إلى بوابة أخرى على أمل أن يكون الترحيب أحسن مما مضى. اللهم رحابة وسعة في الحياة.
السُبل تكون واضحة حين يصدق الإنسان أمام نفسه فلا يكلفها أكثر مما تحتمل، وتطمس حين يُجمِّل المرء نفسه أكثر مما يستحق، فيحمل نفسه أكثر مما يقوى، ويظهر نفسه أمام غيره وكأنه يستطيع، فيبقى محاصرًا في تلك الفجوة بين ما يعرفه عن نفسه وما يُظهره للآخرين عن نفسه.
اللحظة التي أرى فيها مقهىً أو مطعمًا أو مدرسة أو شارعًا أو بيتًا في غزة عاد ليفتح بابه رغم كل شيء، كأن شيء في القلب يعود لمكانه. اللهم أمنًا وسلامًا وبيتًا دافئًا لكل أهلنا.
الكثير من حياتنا في سطرٍ واحد يُلخصه ابن الجوزي قائلًا: "مَن وطَّن قلبه عند ربه سكن واستراح، ومَن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق".
لا أحد يتمنى أن يعيش في علاقة يُشعرك فيها الآخر وكأنك في رهانٍ معه أو سباق لإثبات شيء.
تناسبني طبيعة الإنسان المرحبة بالحياة والمُحبة للآخرين، الطبيعة التي تُدرك أمور الحياة بالفهم لا بالحكم المسبق على الآخرين.
أفكر في تلك المشاعر الخاصة التي يأخذها المرء معه بعد حديثٍ طويلٍ مع شخصٍ عزيز. حديث متبادل عن كل شيء! حديث لا حدود له، تشعر وكأنك كنت في عالمٍ آخرٍ واسع للتو. سحر الحديث.
اللهم أيامًا طيبة، وخيرًا حاضرًا مستمرًا، وأملًا نرفعه إليك لا يخيب، ورحمةً نرجوها منك قريبة، وروحًا راضية معها يطيب الخاطر، وهمةً عاليةً لنحيا وننفع ونبني، فلا نضّل الطريق.